الافتتاحية

” وفي اليوم السابع إستراح “ العدد (35)


                                                             ” وفي اليوم السابع إستراح “


   انتقال بطريركنا الجليل مار روفائيل الأول بيداويد إلـى الأخدار السماوية 

وفي اليوم السابع إستراح “ (التكوين 2/2)
في تمام الساعة السـابعة من مساء الإثنين الموافق اليوم السـابع من تموز، وهو الشهر السـابع من أشهر السنة، عام 2003، إستراح غبطة راعي رعاتنـا الاثيل مار روفائيـل الأول بيداويد، بطريـرك بابل على الكلـدان، من عناء هذه الدنيا، وانتقل إلى الراحة الأبديـة في مستشفى بحَنّس في لبنان، عن عمر يناهز 81 عامًا، بعد مرض ألزمه الفراش سـبعة أشـهر، تحمّل الآمه بصبر جميـل، وواصل القيـام بمسؤولياتـه البطريركيـة من مستشفاه، فاصدر أوامر بتعيينـات للمَهَمّات الشـاغرة، وتابع أخبـار عراقنـا الحبيب ؛ فأصدر رسـالة قبل اندلاع الحرب، مناشدًا رؤساء الدول ليعملوا على إبعاد شـبح الحرب، وأصدر بيانًا، بعد توقف الأعمال العسكريـة، وجّهه إلى المواطنين كافة ليتعاونوا في بناء العـراق الجديد على أسس القانون والعدالة والمحبة والتسامح.
إنتشـر خبر وفاته بسـرعة البرق، فتناقلته وسـائل الإعلام المختلفة، المرئية والمسموعة والمقرؤة، ونشرت نُبذًا عن حياته، عبّر الناس فيها عن مشاعر الحزن الشديد لهذه الخسارة الفادحة.
نقل جثمان الفقيد إلى كنيسة الملاك روفائيل في بيروت
في تمام الساعة التاسعة من صباح السـبت الموافق 12 تموز 2003، إجتمع في معبد مستشفى بحَنّس حول جثمان الفقيد : المطارنـة الكلدان الذين قدِموا إلى بيروت للإشـتراك في تشـييع بطريركهم الراحل، وهم أصحاب السيادة المطران شليمون وردوني المدبّر البطريركي، والمطران حنا زورا رئيس أسـاقفة الأهواز شرفًا وراعي جاليتنـا في مدينة تورنتو بكنـدا، والمطران أنطوان أودو راعـي أبرشية حلب الكلدانية، والمطران جاك إسـحق الأمين العام للسينودس البطريركي الكلداني، والمطران أندراوس أبونا المعاون البطريركي، إلى جانب سيادة المطران ميشال قصارجي راعي أبرشية بيروت الكلدانيـة، مع عدد من الكهنة ومن أقارب الفقيد وأصدقائه، فأُقيمت صلاة جنائزيـة، ثم نقل نعش الفقيد إلى سـيارة خاصة، رافقها رتل طويل من سـيارات المشـيّعين، يتقدّمهـم رجال الأمن اللبناني، على دراجاتهم النارية.
وصل الموكب إلى مشارف كاتدرائية الملاك روفائيل في بعبدا – برازيليا في بيروت، هذه الكنيسـة الرائعة التي قام بتشييدها مع صرح المطرانيـة، وذلك في تمام الساعة العاشـرة صباحًا، فترجّل المشيعون، وحمل النعش الآباء الكهنة على أكتافهم، ورتّل الإكليروس الألحان الطقسية الكلدانية أثناء مسيرة وقورة قادتهم إلى داخل الكاتدرائية، حيث سُجيَ الجثمان الطاهر، ليتمكن المؤمنون من القيام بزيارته للمرة الأخيرة، والصلاة من أجل راحة نفسه.
مراسيم التشييع
بدأت مراسيم التشييع في تمام الساعة الرابعة مساءً، وترأسها، بإسم قداسة الأب الأقدس البابا يوحنا بولس الثاني، نيافة الكردينال مار أغناطيوس موسـى الأول داؤد بطريـرك أنطاكيا للسريان شرفًا ورئيس مجمـع الكنائـس الشرقيـة في روما. وشارك في المراسيم أصحـاب الغبطـة والسـيادة : البطريرك المارونـي الكردينال مار نصـر الله بطرس صفيـر بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق
للموارنة، وبطريرك الأرمن الكاثوليك نرسيس بطرس التاسـع عشـر ترموني، وبطريرك الأرمن الكاثوليك شرفًا جان پيير الثامن عشر كسـپاريان، وبطريـرك اللاتين في القـدس ميشـال صبّاح، وبطريرك السريان الكاثوليك بطرس الثامن عبد الأحد، ومتروپوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطـران اليـاس عوده، والمعـاون البطريركي المطران سـليم غزال ممثلاً بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام، ولفيف من المطارنـة والكهنـة ورؤسـاء الطوائـف ورؤسـاء الرهبانيـات العامّين، والرهبان والراهبات.
وحضر المراسيم عدد من المسـؤولين الرسميين وأعضـاء السلك الدبلوماسـي ورؤسـاء الجامعات، منهم النائب أميل أميل لحّود ممثلاً لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد أميل لحّود، والنائب سيرج طورسركيسيان ممثلاً رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، والنائب فليحان ممثلاً رئيس الحكومـة السيد رفيق الحريري، والسـفير أنمار حمود ممثلاً العاهل الأردني الملك عبد الله الثانـي، ورئيس جمهوريـة لبنان السابق الياس الهراوي، إضافةً إلى حشد من النواب ورؤساء الأحزاب والسفراء.
رتّل غبطة الكردينال مار نصر الله بطرس صفير نصَّ الانجيل المقدس، وألقى بعد ذلك سيادة المطران ميشـال قصارجي كلمة مؤثّرة خاطب فيها الفقيد قائلاً : ” أنت الشاهد والشهيد، أنت شاهد على ما أصاب لبنان والعـراق. أنت الشاهد ما جلس يومًا على مقاعد المتفرجيـن، بل نزلت حَلَبَة المعانـاة والوجع… “. وألقى المطران شليمون وردوني كلمة البطريركيـة الكلدانيـة قال فيها : ” جئنا لنرافق البطريرك بيداويد إلى مثواه الأخير… ثم عدّد مزايا الراحل واسـتعرض مراحل حياته في العـراق ولبنـان… 33 عامًا مطرانًا، 14 عامًا بطريركًا “. ثم تحدث
الكردينال موسـى الأول داؤد قائـلاً : ” البطريـرك بيداويـد كان دائمًا الرجل المناسـب في الوقت المناسـب في لبنان كما في العراق. تحمّل مع اللبنانيين آلام الحرب، وتألم كثيرًا في حرب العـراق الأخيرة، وكان يطّلع دومًا على أوضـاع الشعب العراقي ويلتصق دومًا بمعاناته وهمومـه “. وتلا المطران جاك إسـحق برقية من قداسـة البابا يوحنا بولـس الثاني، أعرب فيها عن مشـاعر التعاطف الحارة مع المسؤولين وجميع أبناء الكنيسة الكلدانية، ثم تلى برقية سكرتير دولة القاتيكان نيافة الكردينال انجيلو سودانو وغبطة الكردينال موسى الأول داؤد رئيس مجمع الكنائس الشرقية، وتلا السـفير الفرنسي في لبنـان لوكورتيه البرقية التي وجهها وزير الخارجية الفرنسـي دومنيك دو قلبان. وألقى ابن أخ الفقيد جيـرار بيداويد كلمة العائلة قال فيها : ” سألته ما هي أحلى صفة في الانسان، وما هي أمنيتك، فأجاب بابتسامته المعهودة : ” أجمل صفة هي الوفاء والعطاء المسـيحي، وأمنيتي توحيد شطرَي كنيسة المشرق “.
بعد ذلك قلّد النائب أميل أميل لحّود البطريرك الراحل وسام الأرز الوطني من رتبة الوشـاح الأكبر بإسم رئيس الجمهورية اللبنانية ” تقديرًا لجهوده والتضحيات الجمّة التي بذلها في حياته “.
ثم تقدم الحاضرون كافة بهدوء ونظام وألقـوا النظرة الأخيـرة على جثمـان الفقيد، مصلّين من أجله. نُقل بعد ذلك الجثمان إلى مثواه الأخير في مدفن الكنيسة وسطَ الألحان الطقسية وموسيقى الجيش اللبناني.
جديـر بالذكر ان القناة التلفازيـة اللبنانيـة الفضائيـة Télé – Lumière نقلت المراسـيم نقلاً حيًا ومباشـرًا، فتمكن المؤمنون في أقطار عديـدة من المتابعـة والمشاركة الروحية.
أُقيـم مجلس العزاء في دار المطرانيـة في بيروت لمدة ثلاثـة أيام، ويومين آخريـن في دار الفقيد الكائنـة في بيت مري، حيث تقاطـر المعزّون مقدّميـن تعازيهم. وأُقيمت في كلّ كنائس الكلدان في العالم القداديس الجنائزيـة عن روحه ومجالس التعزية.
أما في بغداد، مقر البطريركية الكلدانية، ففي مساء الجمعة الموافق 18 تموز 2002، أقام سـيادة المطران أندراوس صنا، عميد المصف الأسـقفي الكلدانـي ورفيق رسامة مثلّث الرحمات البطريرك روفائيل الأول بيداويد، في كاتدرائية مار يوسف (خربندة / بغداد)، القداس الجنائزي عن راحة نفس الفقيد، ألقى أثناءه سيادة المطران عمّانوئيـل دلّي كلمة تأبينيـة بليغة أشـاد فيها بصفات الفقيد الانسـانية والراعوية، في حين قدم سيادة المطران شليمون وردوني – المعاون البطريركي – نبذة عن حياة الفقيد.
شـارك في القداس العديد من مطارنة الكنيسة الكلدانيـة، ورؤسـاء الطوائف المسيحية والاسلامية والصابئة، والسيد كندي ممثل السفير پول برايمر، وسكرتير السفارة البابوية وممثلو السفارات والهيئات الدبلوماسية في العراق، وجمع غفير من الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين الذين حضروا من الأبرشيات كافة.
قُبلت التعازي بعد القداس في مبنى الجمعية الخيرية الكلدانية.
تَدين المجلة البطريركية الكلدانية ” نجـم المشـرق “ بالفضل للفقيد الكبير، لأنه هو الذي حصل على امتياز إصدارها من قبل الحكومـة العراقيـة عام 1994، ووجّه أبناءه على صفحاتهـا من خلال ” كلمة الراعـي “ سنين عديدة، وقدّم لها الدعم المادي والمعنوي.
تتقدّم أسـرة مجلة ” نجم المشرق “ بالتعـازي الحارّة إلى أصحاب السـيادة مطارنة كنيستنا الأجلاء وإلى أسرة الفقيد، وتتضرّع إلى المولى أن يُدخله فردوس السعادة الأبدية، ويُلهمنا جميعًا السلوان، إنه السميع المجيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى