القراءات الكتابية الطقسية

هأنذا قد جعلتك شاهدًا للشعوب “ (62)

هأنذا قد جعلتك شاهدًا للشعوب “
(إشعيا 4/55)
الأب جنان شامل عزيز

عيد مار توما الرسول (3 تموز)
القراءة الأولى
هآنذا قد جعلتُك شاهِداً للشُّعوبِ والياً ومدبِراً للأُمم * لتدعُو الشُعوبَ التي لم تعرِفْها والأُممُ الذين لا يعرفونك، إليك يسْعَون لأجل الربِ إِلهِك و قُدوسِ إِسرائيلَ الّذي مجَّدك * إلتمسوا الربَّ واذا وجدتموهُ فـأدعُوهُ * وإذا دنا فَلْيترُكِ الخاطئُ طريقَهُ والرّجلُ الأثيمُ فكرَهُ وليَتُبْ إِليّ فأَرحمُهُ وإلى إِلهِنا فإنهُ يُكْثِرُ الغُفران * فإِنَّ أفكاري ليسَتْ كأفكارِكم وطُرُقي ليسَتْ كطُرُقِكم يَقولُ الربّ * لأنه كما علت السّماواتُ عن الأرضِ كذلك عَلتْ طُرُقي عن طُرُقِكم وأَفكاري عن أَفكارِكم * لأَنهُ كما ينزِلُ المطرُ والثّلجُ من السماءِ ولا يرجعُ إلى هناك بل يُروي الأرضَ ويجعَلُها تُنشِيءُ وتُنبتُ ويُؤْتي الزّارعَ زَرعًا وخبزاً للأكل * كذلك تكون كلمتي التي خرَجتْ من فمي لا ترجِعُ إليّ فارغَةً بل تعمَلُ بما أُريدُ وتُنجِزُ ما أرسلتها لهُ * فإنكم بفرحٍ تخرُجون وبسلامٍ تذهبون والجبالُ والإكامُ تتهلَّلُ أمامكم وخيارُ جميع أشجار الحقل تُصفِقُ بالأيدي * عِوَضَ الحاجِ يُنبتُ العَرعرُ وعوَضَ الصَّعْترِ يُنبِتُ الآسُ ويكونُ ذلك للربِّ إسمًا وآيةً أَبديةً لا تنقرِضُ(1)*

(إشعيا 4/55-13)
11) الإطار التاريخي الذي ورد فيه نص اشعيا (4/55 -13)
تاريخ هذا النص يعود إلى فترة القرن السادس قبل المسيح، فترة اتسمت باحداث مهمة وخطيرة رسمت، واعادت تشكيل، ملامح هوية شعب إسرائيل القديم بعد خبرات قاسية، كسقوط اورشليم بيد البابليين، وهدم الهيكل بشكل نهائي سنة 586 ق.م الذي كان يمثل مركز الحياة الدينية للشعب وضمانة حضور الله بينه. وكان بعد كل ذلك ان عاش إسـرائيل مرارة السـبي بعـيدًا عن أرض الأجداد والآباء في أرض غريبة هي بابل. هذه الأزمات ولّدت عند الشعب تساؤلات وشكوكًا كان على الأنبياء التصدي لها وبعث حياة جديدة عبْر رسالة موجهة إلى الشعب تحثه على مواجهة الامر بكل إيمان وطاعة وتدعوه إلى قراءة جديدة للأحداث على أساس أمانة الله مع شعبه منذ إبراهيم والآباء وموسى مرورًا بالوعود لداؤد وسلالته. من رحم هذه الأحداث كان نصنا، الذي هو يمثل خاتمة القسم الثاني من سفر اشعيا، ( حسب الشراح فأن سفر اشعيا يمكن تقسيمه وقـراءته في ضـوء الأحـداث التاريـخية المـرافقة لكل قسـم : القسم الأول ( الفصول 1-39 ) قبل السبي وسقوط اورشليم، القسم الثاني ( الفصول 40-55 ) المنفى وبشائر العودة، والقسم الثالث والأخير ( الفصول 56-66 ) فترة ما بعد العودة ووصف لأورشليم الجديدة )، الذي يحكي ويبشر بالعودة إلى اورشليم، على خلفية مرسوم الملك الفارسي قورش، الذي سمح بموجبه للشعب بالعودة إلى وطنهم الأصلي، كان ذلك في سنة 538 ق.م بعد سقوط بابل بايدي الفرس في السنة التي سبقتها.
22) التحليل الكتابي – البيبلي
يُعدُّ الفصل الخامس والخمسون بحد ذاته، وهو موضوع تأملنا، خاتمة للجزء الثاني لسفر اشعيا، الذي لا نعرف عن كاتبه أو درجته الاجتماعية ولا حتى اسمه، سوى انه ينسب مُؤلَّفه إلى كاتب السفر بقسمه الأول ” النبي اشعيا “، والذي يعرف بحق ” بأمير الأنبياء “. هذه الآيات (4/55-13) تمثل رسمًا لتطويق رائع إراده كاتبه لمُؤلَّفه ليختم مثلما ابتدأ، ففي الآية الأولى من الفصل الأربعين نجده يقول : ” عزوا… عزوا… شعبي “، وكل كلامه على طول القسم الثاني رسالة تعزية ودعوة إلى الرجاء، لأجل ذلك عُرف هذا القسم بـ ” كتاب التعزية “، ليمتد الكاتب بخطاه إلى آخر آيات الفصل الخامس والخمسين ليقول : ” فإنكم بفرحٍ تخرُجون وبسلامٍ تذهبون “ (12/55).
لقد تعرض إسرائيل إلى أزمة حقيقية بعد سقوط اورشليم وهَدمْ الهيكل وصار في أرضٍ غريبةٍ لا تعرف يهوه إله إسرائيل، وبتماس يومي مع آلهة غريبة مثل مردوخ وغيـره مـن آلهة المـجمع الإلهي البـابلي، وصار الشـعب يمر بخبرة ” الاغتراب الروحي “. هذه التحديات جعلت هوية الشعب في خطر، طارحًا الأسئلة : ” أين هو يهوه من كل هذه الأمور ؟ لماذا سمح بها ؟ وأين هي وعوده التي قطعها مع داود وبيته ؟ “ أسئلة كثيرة كان على كاتب القسم الثاني من سفر اشعيا ان ينبري للجواب عنها. فكان الجواب. يتخذ هذا الجواب منطلقًا له من محاولة القراءة المتأنية والمتجددة للأحداث وفهم الأسباب لكل ما جرى بعيون الإيمان، لتكون مدخلاً وقناة لنقل امر جديد إلى الشعب نفسه وإلى الشعوب التي من حوله. القراءة الجديدة كانت بأن إسرائيل عليه ان يكون ” شاهدًا أمام الأمم “ (4/55) على مثال داؤد. دعوة جديدة تعيشها الجماعة المؤمنة المطيعة ( السامعة ) لكلمة الله (4/55-5)، هذه الدعوة تأتي لتجيب عن التساؤلات التي طرحها الشعب وتبدد الشك بقدرة يهوه على الخلاص ورغبته في ذلك. هذه الدعوة جعلت الشعب يُطلق على الملك الفارسـي قورش، لدوره في اخراج الشـعب، لقب ” المشيح “ (إش 1/45). نعم، لأول مرة يُطلق هذا اللقب على شخص وثني من خارج دائرة شعب الله المختار. هذه المبادرة وضعت مفهومًا جديدًا لمن يَخلص. إسرائيل اصبح شاهدًا لنقل بشرى شمولية الخلاص إلى الأمم الاخرى.
وحتى تكتمل مساعي الإنسان بالنجاح، يجدد الله دعوته له بالتوبة أي الاهتداء وتغيير الأفكار ومسارات البحث ليشدد بالقول : ” إلتمسوا الربَّ وإذا وجدتموهُ فأدعُوهُ * وإذا دنا فَلْيترُكِ الخاطئُ طريقَهُ والرّجلُ الأثيمُ فكرَهُ وليَتُبْ إِلي فأرحمُهُ وإلى إِلهِنا فإنهُ يُكْثِرُ الغُفران “ (7/55-8). الأختبار مناسبة للتوبة أي قراءة يد الله في أحداث التاريخ فالإنسان مدعو لأخذ القرار أمام هذه الدعوة أما بالوجود أو الموت، فاهمًا بأعين جـديدة أن منطق الله ليس كمنطق الإنسـان. فكلما حاولنا ان نحصر الله في زوايا معادلاتنا حسب منطقنا البشري فإننا نحيله إلى الموت. لأجل ذلك كان هذا جـوابًا عن ان الله لم يخـلف وعـوده مع داود وبيته في (2صم 7)، كما تتعالى صرخات المزمور الملكي 89 (مز 49/89-50)، بل الله وفيٌّ لوعوده وما يطلبه من الإنسان هو ان يحفظ الكلمة، ولكن أي كلمة ؟ انها كلمة الله التي لا ترجع فارغة بل تثمر وليسـت ككلمة الإنسـان الفارغـة التى تذهب ادراج الريـاح ولا نفع لها ” * لأنهُ كما ينزِلُ المطرُ والثّلجُ من السماءِ ولا يرجعُ إلى هناك بل يُروي الأرضَ ويجعَلُها تُنشِيءُ وتُنبتُ ويُؤْتي الزّارعَ زَرعًا وخبزًا للأكل * كذلك تكون كلمتي التي خرَجتْ من فمي لا ترجِعُ إليّ فارغَةً بل تعمَلُ بما أُريدُ وتُنجِزُ ما أرسلتها لهُ “ (10/55-11). ضمن كل هذه القراءة المتجددة، يختم الكاتب نشـيده الذي يعرف بـ ” نشيد العودة “ بالقول : ” فإنكم بفرحٍ تخرُجون وبسلامٍ تذهبون والجبالُ والإكامُ تتهلَّلُ أمامكم وخيارُ جميع أشجار الحقل تُصفِقُ بالأيدي * عِوَضَ الحاجِ يُنبتُ العَرعرُ وعوَضَ الصَّعْترِ يُنبِتُ الآسُ ويكونُ ذلك للربِّ إسمًا وآيةً أَبديةً لا تنقرِضُ “ (12/55-13). هذه المرة : العودة هي ” خروج “ جديد يكاد يكون أعظم من الخروج الأول من مصر. خروج يتطلب الجهد والإلتزام من الجميع، خروج مع توبة حقيقية باتجاه مدينة داود ” اورشليم “ حيث يسكن يهوه، خروج نحو البدايـات نحو بيت داؤد حيث كان العهد مـعهم ” عهدًا أبـديًا “ : ” أَميلوا آذانَكم وهَلُمُّوا إِلَيَّ إِسمَعوا فتَحْيا نفوسُكم فإِنِّي أُعاهِدُكم عَهداً أَبَدِيّاً على الخَيراتِ الَّتي وُعِدَ بِها داوُد “ (اش 3/55). انه بحق صورة لدخول أحتفالي يمجد لأعمال يهوه العظيمة في حياة الشعب الذي يتجلى حتى في المأساة التي جعلت من الشعب يفهم مسؤوليته في نقل أخبار هذا العهد إلى الأمم بكل فرح تشاركه فيه كل عناصر الطبيعة التي تسبح بمجد الله. كل شيء سيصبح جديدًا ! متخذًا بعدًا آخر لأن عهد الله أبدي قائم على الأمانة والحب.
33) الإطار الليتورجي
أ‌- علاقة النص مع النصوص الاخرى :
في حقيقة الامر، ان هذا العيد الليتورجي ليست له نصوص خاصة، بل تحيلنا الكتب الطقسية إلى قراءة  نصوص في مناسبات أخرى فمثلاً : قراءة العهد القديم من إشعيا (4/55-13) هي قراءة الأحد الثاني من القيامة والمعروف بـ ” الأحد الجديد “، والشيء نفسـه ينطبق على قراءة الإنجـيل المأخوذة من إنجـيل يوحنا ( 19/20 وحتى نهاية الفصل )، بينما قراءة الرسـالة الأولى إلى أهـل قورنثية (1/15-19) هي قراءة يوم ثلاثاء اسبوع الأسابيع ( الأسبوع الأول من القيامة ).
بما ان النصوص تكون معدة لأغراض ليتورجية تخص العيد ؛ فالموضوع الأساسي الذي نريد تقديمه هو : من هو توما الرسول ؟ ومن هو الرسول بمعنى الكلمة ؟ ولماذا على أتباع القائم من بين الأموات ان يكونوا شهودًا ؟ هذا الأمر يتطلب قراءة معمقة تستحضر عددًا من الأساسيات لأجل ربط القراءات مـع بعضها. وعند القيام بقراءة عكسية للنصوص منطلقين من لقاء يسـوع مع توما بعد القيامـة نجد الآية المـركزية هي : فقالَ له يسوع : ” أَلأِنكَ رَأَيتَني آمَنتَ ؟ طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا “ (يو 29/20). توما الذي اصبح التشكك صفة ملازمة له في تاريخ المسيحية، ونجده متأخرًا بين الجماعة وهذا يكرره التقليد في قصة رقاد وانتقال أمنا العذراء مريم(2)، هذا الشكّ الذي قد يُؤخذ دائمًا بسـلبية، ولكن المـوقف الذي يأخـذه تومـا ” الرسول “ يشدد عليه بولس في رسـالته حين يؤكد حقيقة ترائي الرب للرسل ولمجموعة كبيرة من التلاميذ : ” سَلَّمتُ إِلَيكم قبلَ كُلِّ شيَءٍ ما تَسَلَّمتُه أََنا أَيضًا، وهو أَنَّ المسيحَ ماتَ مِن أَجْلِ خَطايانا كما وَرَدَ في الكُتُب،  وأَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب، وأَنَّه تَراءَى لِصَخْرٍ فالاْثَني عَشَر، ثُمَّ تَراءَى لأَكثَرَ مِن خَمْسِمِائَةِ أَخٍ معًا لا يَزالُ مُعظَمُهُم حَيّاً وبَعضُهُم ماتوا، ثُمَّ تَراءَى لِيَعْقوب، ثُمَّ لِجَميعِ الرُّسُل، حتَّى تَراءَى آخِرَ الأمرِ لي أَيضًا أَنا السِّقْط “ (1 قور 3/15-8). صفة الرسول تتطلب منه ان يكون شاهدًا لقيامة الرب، هذه الشهادة لا يتوجب السكوت عنها بل عليه إعلانها بكل قوة، لكن لمن يعلنها ؟ فقط لمن هم من حوله أو المختارين ؟ يأتينـا الجواب في نص تأملنا ليقول : ” هآنذا قد جعلتُك شاهِدًا للشُّعوبِ واليًا ومدبِرًا للأُمم. لتدعُو الشُعوبَ التي لم تعرِفْها، والأُممُ الذيـن لا يعرفونك إليـك يسْعَون لأجـل الربِ إِلـهِك و قُدوسِ إِسـرائيلَ الّذي مجَّدك “ (اش 3/55-4). وهذا ما فعله توما الرسول حين أخذ على عاتقه ان ينقل هذه الشهادة إلى أمة لم تعرف الله ولم تعرف المسيح يسوع وكل ما عمله من أجل خلاص البشرية وحسب ما يخبرنا التقليد عن أعماله العظيمة في تبشير الشرق وصولاً إلى الهند حيث استشهد، لأن حركة الشهادة لم تنتهِ بإعلانها بل كانت تنتظرها حركة اخرى في أن يتحول الرسول من مجرد شاهد إلى شهيد على غرار معلمه وهذا ما تحتفل به الكنيسة اليوم في عيد مار توما الرسول.
ب- علاقة النص بالصلاة الطقسية :
لا يكتمل الإطار الليتورجي المرافق لهذه النصوص دون الرجوع إلى الالحان والتراتيل الخاصة بهذا العيد المميز، الذي يتمحور حول شخصية القديس توما الرسول وأعماله ودوره في نشر رسالة المسيح. ومن هذه التراتيل تلفت انتباهنا ترتيلة دقنكي (عوُنيةا د قنكٌا) والمرافقة لقداس العيد إذ تقول كلمات الترتيلة :
ما أبهى وما أجمل : طوبى لمن ترضى عنه
ما أبهى لتوما الطوباوي حين بشر الأختان الجدد في بلاد الهند، وبنى للملك قصرًا في السماء، ليتنعم بالتطويبات الشهية التي لا نهاية لها.
المجد للآب والإبن والروح القدس.
بصلواتك أيها الرسول مار توما، بارك واحفظ المؤمنين الذين احتفلوا بعيدك. وحينما يأتي ربك ليدين كل البرايا، نكون معك ونتنعم في خدر النور.
( كتاب الصلوات القانونية للكهنة (حودّرا) المجلد رقم 3، الصفحة 480-ةف بالترقيم الكلداني )
منذ الوهلة الأولى تؤكد الترتيلة العلاقة الصميمية بين كنيسة المشرق والرسول توما. فهي تقدم من خلال الترتيلة سردًا مختصرًا لروايات التقليد الذي تتضمنها رواية ” أعمال توما “، حيث الكنيسة تُذكِّر ببعض وأبرز حوادثها ومنها : قصة الأختان الجدد لأجل المسيح وقصة بناء قصر الملك في السماء عبر ماله الذي كان الرسول يأخذه منه – حسب ما ترويه القصة -(3). هذا التقليد المترسخ حول رسالة القديس في بلاد الهند تقدمه الكنيسة عبر الشعر المرتل مستثمرة الأفكار فيه لتحمل معانٍيَ جديدة للمستمع : ” الأختان الجدد “ صورة رائعة تصور كل المؤمنين المتقبلين لرسالة يسوع بـ ” الأختان “ الذين يستعدون لإستقبال العروس بكل حلتها وجمالها. الإيمان بيسوع هو بمثابة العرس، لكن ليس كالعرس الأرضي الذي هو لحين بل عرس دائم وأبدي. الإيمان يجعل من المؤمنين على مثال الملك. وكل ملك له قصر، المسيحي الملك يبني قصره لا في الأرض بل في السماء، ومادة بناء قصره هي أعماله وبره وصلاحه ومخافة الرب.
وفي القسم الثاني من الترتيلة، وعلى النسق نفسه، توما الذي عمل كذا وكذا مستمر بالعمل والشهادة من خلال أبنائه حيث هيأهم للعرس ودخول الخدر السماوي. ولا يبقى توما الرسول مجرد رسول بل شفيعًا ومصلّيًا لأجل كنيسة المسيح التي زرع بذرتها، وما هذا العيد إلاّ استذكار حي وتجديد بنوة الكنيسة للأب الروحي لها ومعلمها الذي يباركها ويحرسها ليقودها في درب الشهادة الحقة.
44) رسالة هذا النص لعالمنا المعاصر (تأوين)
تفتخر الكنيسة الكلدانية بشخص القديس توما الرسول وتعلنه شفيعًا لها وتنادي بإسمه وتطلب شفاعته في صلواتها والحانها الطقسية. هذا التفاخر يقودنا إلى فهم اعمق إلى مفهوم رسولية الكنيسة الذي نعلنه في قانون الإيمان، ويتوجب ان لا يكون مجرد تفاخر بالإنتساب إلى أحد رسل المسيح من حلقة الأثنى عشر، بل ان تكون رسولية في منهجها ودورها على مثال توما وبقية الرسل. لقد وجدنا التلازم بين صفة الرسول والشاهد، وكلاهما عنصران مهمان في رسم ملامح شخصية المؤمن المعمد اليوم كذلك. صحيح ان توما كان ومايزال عند البعض يأخذ صفة سلبية وهي ” المشكك “ ولكن لنعطي الأمر حقه. توما لم يرد ان يبني إيمانه على ما يقال ولكن على أساس الخبرة، ربما حتى اسمه يفيدنا في ذلك : توما معناه ” التوأم “ لربما أراد ان يجمع في إيمانه العنصرين اللذين نبحث جاهدين في خبرتنا الشخصية مع الله ألا وهو ” الإيمان والعقل “. توما مثال لخبرة شخصية تعمدت بخبرة اللقاء مع القائم من بين الأموات، خبرة جس الجنب المطعون الذي منه نشأت الكنيسة، خبرة الرسول الذي بفضله نلنا كلنا الطوبى : ” طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا “ (يو 29/20 ب). خبرة تدعو بصاحبها ان يصرخ في كل مرة يشـهد فيها اقتبال آخرين إيمانه بمسـيحه : ” ربي وإلهي ! “ (يو 28/20)
واليوم، أي شهادة يريد منا توما الرسول، ونحن ابناؤه، ان نكمل الشهادة لها ؟ وأي بشرى علينا ان نقدمها إلى الاخرين حولنا ؟ وما هو موقفنا الإيماني من القيامة الحدث المؤسس لحياتنا ؟.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى