“لا تدعنا ندخل في التجربة” (93)
" لا تدعنا ندخل في التجربة "
(متى 13:6)
رئيس التحرير
بدءًا بالأحد الموافق 3 كانون الأول 2017، أَعلن أساقفة فرنسا الترجمة الحديثة للطلبـة السادسة فـي الصلاة الربية على النحـو الآتـي : " لا تدعنا ندخل في التجـربة " عـوض " لا تدخلنا في التجربة " (متى 13:6). فمـا هـو سبب هـذا التغيير ؟
لماذا هذا التغيير ؟
لكي نفهم جذور هذا التغيير، يجب الإرتقاء إلى نهاية المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1966، إذ كانت صيغة الطلبة السادسة للصلاة الربية تقال في الماضي على النحو الآتي : " لا تدخلنا في التجربة ".
في نهار الأحد الموافق 3 كانون الأول 2017، خلال القداس الأول، نهار الأحد الأول لزمن المجيء للسنة الليتورجية في الطقس اللاتيني، دعا كهنة فرنسا المؤمنين إلى تلاوة الطلبة السادسة للصلاة الربية في صيغتها الجديدة الآتية : " لا تدعنا ندخل في التجربة " عوض : " لا تدخلنا في التجربة ".
هل كان ضروريًا هذا التغيير في الطلبة السادسة من الصلاة الربية، التي رفعناها في صيغتها منذ قرون وأجيال عديدة، أَثار هذا التغيير نقاشات بين المؤمنين واللاهوتيين وعلماء الكتاب المقدس، لأنه قد يسبب فهمًا مغلوطًا لمعنى هذه الطلبة السادسة.
خلال 17 سنة إنكبت المجالس الأسقفية في بلدان مختلفة لدراسة هذه الصيغة في النصوص الأصلية : الآرامية واليونانية والعبرية للتوصل إلى ترجمة جديدة.
فاتفق العلماء سنة 2013 على الترجمة الجديدة للطلبة السادسة من الصلاة الربية، ووافق الكرسي الرسولي من خلال مجمعي " العبادة الإلهية " و" تنظيم الأسرار " بتاريخ 12 حزيران من السنة ذاتها، ثبّت الأساقفة الفرنسيون المجتمعون في لورد هذا التجديد في شهر آذار سنة 2017.
" لا تدخلنا في التجربة " : " ترجمة تجديفية "
يمكن للنص القديم من الصلاة الربية، للطلبة السادسة، أن يقود إلى سوء فهم وهو : " بإمكان الله أن يجرب شخصًا ما ".
فهناك خطورة أن ننسب إلى الله إمكانية إدخال مؤمن ما في التجربة، ويمكن لهذا الامر أن يتسم بطابع التجديف. لماذا ؟
إذا كان لله أَصغر دور إيجابي في التجربة، فلا يمكن أن يكون قدوسًا بلا حدود.
يذكرنا القديس يعقوب الرسول نفسه في رسالته قائلاً : " إذا جُرِّب أَحدٌ فلا يَقُل : " إن الله يجربني ". إن الله لا يجرّبُهُ الشرُّ، ولا يجرّب أحدًا. في حين أن لكل إنسان شهوة تجربه فتفتنهُ وتُغويه " (13:1).
لم يعفُ الله يسوع من التعرض لتجارب الشيطان، بل أعطاه القوة لكي يقاوم الشيطان وتجاربه. فبعد عماذه على يد يوحنا : "… سـار الـروح بيسوع إلى البريـة ليجربـه إبـليس، فصـام أربعيـــن يومًا وأربعين ليلة حتى جاع. فدنا منه المجرب وقال له : " إن كنت آبن الله " فمرْ أن تصير هذه الحجارة أرغفة، فاجابه : " مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله " فمضى به إبليس إلى المدينة المقدسة وأقامه على مشرفة الهيكل وقال له : " إن كنت آبن الله، فألقِ بنفسك إلى الأسفل، لأنه مكتـوب، يوصي ملائكته بـك، فعلى ايديهم يحملونك، لئلا تصدم بحجر رجلك، فقال له يسوع : " مكتوب أَيضًا : لا تجرِّب~~ْ الرب إلهك ". ثم مضى به إبليس إلى جبلٍ عالٍ جدًا وأَراه جميع ممالك الدنيا ومجدها. وقال له " أعطيك هذا كله إن جثـوت لي ساجـدًا "، فقال له يسوع : " إذهب يا شيطان ! لأنه مكتوب : للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " فتركه إبليس، وإذا بملائكة قد دنوا منه واخذوا يخدمونه " (متى 1:4-11).
لم يطلب يسوع من الآب السماوي أن يعفيه من التعرض لتجارب الشيطان، بل استعان بكلام الله في الكتاب المقدس، وانتصر بعونه على الشيطان.
وحثّ يسوع تلاميذه في بستان الزيتون. قبـل إلقاء القبض عليه، وهم نيـام : " إسهروا وصلّوا لئلا تقعوا في التجربة، الروح مندفع وامّا الجسد فضعيف " (متى 41:26).
موقف قداسة البابا فرنسيس
بعد مضي يومين على دخول الترجمة الجديدة للصلاة الربية حيّز التنفيذ في فرنسا، أكّد قداسة البابا فرنسيس، في مقابلة له أن الله لا يدخلنا في التجربة، بل هذا عمل الشيطان ".
في الفيديو السابع من السلسلة الصادرة حول الصلاة الربية " أبانا… " التي نشرت في 6 كانون الأول 2017 على إذاعة المجلس الأسقفي 2000 Tv، شدد قداسة البابا على أن الترجمة الإيطالية " لا تدخلنا في التجربة " ليست صحيحة.
غيّر الفرنسيون النص القديم للطلبة السادسة " لا تدخلنا في التجربة " بترجمة جديدة " لا تدعنا ندخل في التجربة " أي : " أنا هو من يقع، وليس الله هو من يرميني في التجربة " لينظر فيما بعد كيف وقعتَ. إن الآب لا يقوم بذلك، الآب يساعد في النهوض بسرعة.
هكذا فإن الطلبة الأخيرة من الصلاة الربية، لا تلتمس أن يُعفى المصلي من التجربة، بل أن يعينهُ الله كي يتغلّب عليها.