الافتتاحية

كيف يمكننا الإيمان بقيامة المسيح (97)

كيف يمكننا الإيمان بقيامة المسيح 

رئيس التحرير 

   إن أحد القيامة هو أكبر عيد من أَعياد السنة، إذ به يعرف كل امريءٍ بوجود قوتين لا تقهران على أرض البشر : قوة الموت، وسلطان يسوع القائم من بين الأموات.

فرادة قيامة يسوع المسيح

هناك فرقٌ شاسع بين قيامة يسوع المسيح من بين الأموات (متى 1:28-10)، وبين قيامة سائر البشر : كقيامة لعازر (يوحنا 1:11-4) وقيامة إبنة يائيرس (متى 18:9-26)، وقيامة إبن أَرملة نائين (لوقا 11:7-7).

دخل يسوع بقيامته المجيدة في حياة جديدة، لا تخضع لسُنَّة الألم والموت، كما يقول القديس بولس في رسالته إلى أَهل رومة : " نحن نعلم أَنَّ المسيح، بعدما أُقيم من بين الأموات، لن يموت بعد ذلك، ولن يكون للموت عليه من سلطان " (رومة 9:6).

أما قيامة لعازر شقيق مريم ومرتا، وقيامة إبنة يائِيرس وقيامة إبن أَرملة نائين فكانت مجرد إِنتعاش، إذ بدأوا العيش كالسابق، خاضعين لسنّة الحياة البشرية الأرضية، مع كل أتعابها وآلامها، وسوف يخضعون لسنّة الموت مرة أخرى.

أما يسوع، فقد عكس ذلك – ودخل في " حياة جديدة تمامًا "، لا تخضع لسنّة الألم والموت، كما يقول القديس بولس في رسالته إلى أهل رومية (9:6) : " ونعلم أن المسيـح، بعدما أُقيـم من بين الأموات، لن يموت بعد ذلك ولن يكون للموت عليه من سلطان ". لكي يفهمنا هذه الحالة الفريدة، يستخدم الرسول بولس المقارنة بين الموت وبين " حبة الحنطة " : " يزرع جسمًا بشريًا فيقوم جسمًا روحيًا " (1 قورنثس 44:15). من خلال قيامته، لم يرجع إلى حياته الماضية، إذ دخل في مجد الآب. إذن لم يَعُد يسوع خاضعًا لحدود الزمان والمكان.

ما الذي يدعنا نأتي بهذه الايضاحات الدقيقة ؟

علامة الأكفان الممدودة

غالبًا ما يكتفى بالحديث عن " القبر الفارغ "، صحيح أن هذا القبر الشهير هو حاضر دائمًا في نص الرسول يوحنا، فكلمة " القبر " تتكرر سبع مرات في هذا النص القصير.

" … فوصل (يوحنا) إلى القبر، وانحنى فأبصر اللفائف " othonia " ممدودة، والمنديل sodarion الذي كان حول رأسه غير ممدود مع اللفائف، بل على شكل طوق، وكان كل ذلك في مكانه. حينئذٍ دخل أيضًا التلميذ الآخر، وقد وصل قبله إلى القبر، فرأَى وآمن ".

إن وضعية الأكفان هي التي أوحت ليوحنا، بالقول " لقد قام "، هذا القبر، لم يكن أحد قد دخله، ولم يكن أي شيء قد غير مكانه، إن نظرية مريم المجدلية بقولها " قد حملوا الرب من القبر، ولا نعلم أَين وضعوه " ؛ إن نظرية حمل الأكفان هذه كانت خاطئة، لأن الأكفان لم تكن قد غيرت محلها، ولم تكن هناك أي علامة أن أحدًا قد لمسها. بكل بساطة، إن جسد يسوع لم يعد يحتل مكانه، داخل الأكفان، التي كانت موضوعة في محلها. إن المنديل الذي كان ملفوفًا حول الوجه ليجعل الفم مسدودًا، كان ملفوفًا في المحل، الذي بقي الآن فارغًا، حيث كانوا قد وضعوا رأس يسوع داخل عصّابة الذقن sodarion… مكونًا شكل إكليل تحت الكفن.

كلا… لم يكن هناك سراق قد أَخذوا هذه الإحتياطات. لم تكن هناك أي يد بشرية قد لمست الأكفان، ولم تكن هناك يد بشرية قد حملتها. ولم تكن الجثة قد حملها أحد. فقط أن الجسد قد غاب، وكأنه تبخّر " تروحن " كما يقول القديس بولس.

الإيمان وحده يدخلنا في هذا السر الإلهي

لم يكن بإمكان الإنسان، بواسطة عقله وخياله أن يدقق علميًا حدث قيامة المسيح، خارق العادة. إن يوحنا نفسه، كان متحليًا بتواضع من " رأى وآمن ". علمًا أن يوحنا لم يكن بعد قد رأى يسوع القائم من بين الأموات، الأمر الذي سيراه ويعاينه في الأحد التالي. فعبرّ عن الإيمان بكلمة " آمن ". بواسطة الإيمان وحدهُ بإمكاننا أن نبلغ إلى سر قيامة يسوع. الرسول رأى الأكفان موضوعة مسطحة فآمن بقيامة المسيح. ونحن أيضًا كل نهار أحد، حينما نرتل قانون الإيمان " نؤمن بقيامة الموتى والحياة الجديدة… ".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى