القراءات الكتابية الطقسية
الخلاص فعل الله (82)
الخلاص فعل الله
الأب ميسر بهنام المخلصي
الأحد السابع من الرسل
” واجتاز في مدن وقرى يعلم ويسافر نحو أورشليم. فقال له واحد : يا سيد، أقليل هم الذين يخلصون ؟ فقال لهم. اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق، فإني أقول لكم : إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون. من بعد ما يكون رب البيت قد قام وأغلق الباب، وابتدأتم تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين : يا رب، يا رب افتح لنا. يجيب، ويقول لكم : لا أعرفكم مـن أيـن أنتم. حينئـذ تبتدئـون تقولون : أكلنا قدامك وشربنا، وعلمت في شوارعنا. فيقول : أقول لكم : لا أعرفكم من أين أنتم، تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان، متى رأيتم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله، وأنتم مطروحون خارجًا. ويأتون من المشارق ومن المغارب ومن الشمال والجنوب، ويتكئون في ملكوت الله. وهوذا آخرون يكونون أولين، وأولون يكونون آخرين. في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له : اخرج واذهب من ههنا، لأن هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم : امضوا وقولوا لهذا الثعلب : ها أنا أخرج شياطين، وأشفي اليوم وغدًا، وفي اليوم الثالث أكمل. بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم. يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا والحق أقول لكم : إنكم لا ترونني حتى يأتي وقت تقولون فيه : مبارك الآتي باسم الرب “.
(لو 22:13-35)
الخلاص هو فعل الله الذي ينعم به على الإنسان، وبه يبلغ الإنسان إلى معرفة الله، وهذا ما نسميه الملكوت، تلك الحالة التي يعيشها الإنسان فيتحقق العهد الأول عندما ربط الله نفسه بنا. لكن لهذا الملكوت متطلبات على الرغم من مجانيته. يعلن لنا الرب يسوع في تعليمه هذه المتطلبات لكي نستطيع من خلالها أن نكون طرفًا في ذلك العهد. لقد ظن معاصرو يسوع من اليهود أن هذه المتطلبات مرهونة بالنسب إلى إبراهيم، أو بكونهم شعب الله المختار، أو من خلال الممارسات الدينية. لكنهم نسوا أو تجاهلوا أن كل هذه ما هي إلا نقطة إنطلاق، ونقطة الوصول إلا الملكوت الذي هو مرهون كليًا بيد الله، وهناك مسافة ما بين نقطة الإنطلاق ونقطة الوصول هي طريق أورشليم المؤلم والطويل.
النص : يمكن تقسيم هذا النص إلى ثلاثة مقاطع :
المقطع الأول : من الباب الضيق إلى باب مقفل (لو 22:13-30)
تذكرنا الآية الأولى من هذا النص برحلة يسوع إلى أورشليم (51:9) التي أتمّ فيها عمل الخلاص الذي جاء من أجله، والتلاميذ يرافقونه في هذه الرحلة، وليس غريبًا أن يصدر مثل هكذا سؤال : ” يا رب هل الذين يخلصون قليلون ” ؟ سؤال ينم عن ما في داخل المتسائل من رغبة في ضمان ما. لكن جواب يسوع كالعادة غير متوقع. ليس مثل جواب معلمي إسرائيل من الفريسيين وغيرهم من الذين يقدمون أجوبة نظرية. كانت الدينونة تشغل بال الجميع في وقت يسوع، كانت قضية حياتية من جهة ومن جهة أخرى كان الملكوت السعادة الأبدية التي يعيش فيها الأبرار بعد موتهم، وكانت الصورة المقدمة لهذا الملكوت عبارة عن مكان فيه وليمة. جواب يسوع يُبين أن القضيـة ليست عـددًا أو كم المخلصين. مـا يهم هو أن تعلم كيف تصير أنت من المخلصين. يجب أن تنتبه أن الباب الضيق (24) يتطلب مجهودًا ولا يمكن التمهل في عبـوره، فالوضع الذي نكون فيـه يدعونا للتعجيـل في الدخول. صراع لدخول إسرائيـل إلى نعيـم الله، لا مجـال للإنتظار. ” لـن أتـركك يــا الله حتـى تُبـارِكَني ” (تك 27:32) كلمات قالها جدنا يعقوب لرجل الله الذي صارعه مع إصرار للحصول على البركة. هذا الجهد والصراع يتطلب الاستعداد مثل العذارى الحكيمات (متى 25) : سوف يغلق الباب، والذين ظلوا خارجًا لا يجدي معهم بعدُ كل قرع أو صياح، فات الوقت. لن يجدي نفعًا الإعتماد على أقدس الإمتيازات مثل أن يكون المرء تلميذًا ليسوع (26)، أو أن ينتمي إلى شعب الله المختار (28-29)، ولا حتى أن يكون من نسل إبراهيم، أو يستمع إلى كلام يسوع ويشترك معه في عشائه (يهوذا كان مع المعلم على العشاء). فالدخول من الباب الضيق مشروط فقط بالممارسة الفعلية للبر الذي يكرز به يسوع، وهي شرط الخلاص.
من غير أي تبعيات يحصل تبادل مواقع غير مشروط أيضًا : الأولون يصبحون آخرين بينما يصبح الآخِرون أولين. يكتب لوقا لجماعة أممية هي في نظر اليهود من الأخِرين. ليس أخِرين فحسب بل مرفوضون كليًا. لكن يسوع يضع حدًا لهذا التمييز، بل يقنن الأمور. لكن لننتبه ؛ لا يعني هذا أبدًا أن كل المسيحيين حلّوا محل اليهود بل الذين يمارسون البر وحدهم. وليس جميع اليهود مطرودين خارجًا بل الذين لا يمارسون البر.
المقطع الثاني : الخلاص يوم الله (لوقا 31:13-33)
ممارسة البر هذه تبرز أولوية الله في مصير يسوع. نجد في هذا المقطع محاولة بعض الفريسيين أن يظهروا بعض النوايا الحسنة تجاه يسوع (31) وهذا عكس ما تعودناه منهم. إنهم يطلبون من يسوع المغادرة خوفًا من بطش هيرودس. هنا فقط نفهم غرابة هذا الإيراد اللوقاوي. يريد لوقا أن يظهر كم هم مرتكزون على منطقهم البشري، لم يستطيعوا بعد التخلص من هذا المنطق أمام منطق الله. تبشير يسوع ومصيره في يد الله لا في يد البشر (هيرودس). إنه مرسل من عند الله على الصعيد البشري لنقل رسالة الله في اليومين الأولين أما الإتمام ففي اليوم الثالث (يوم الله)، إشارة إلى إتمام رسالته يوم قيامته المجيدة. هو كله من الله وليس للإنسان كلام فيه، التوبة والعمل البار من الإنسان، أما التحرير والخلاص فهو من الله وحده.
المقطع الثالث : التوبة والعمل بالبر (لوقا 34:13-35)
يوجه يسوع كلامه مباشرة إلى العاصمة المقدسة التي ستكون سبب موته. يخاطبها، يذكرها بأخطائها، هي ترفض كل محاولات الأنبياء من أجل حماية أبنائها من الدينونة. لهذا سيترك الله بيته (أورشليم) كما فعل في أيام حزقيال (11:23). لكن توجد دومًا مهلة للتوبـة والعـودة إلى الله، ستقولـون ” مبارك الآتي بإسم الرب ” (35:13). يربط هذا المقطع المقطعين السابقين معًا. إرادة الله الخلاصية في اليوم الثالث وضرورة التوبة الفورية للإنسان والعمل بالبر.
يتابع يسوع مسيرته نحو أورشليم ويذكّر في هذا المقطع المعنى الجديد لموته. إنه يواجه موته بحرية بعد أن ينهي رسالته. حزن يسوع ليس على موته بل على أورشليم التي أراد أن يجمع أبناءها، لكن القتل كان جوابها لذا ” سيترك لكم بيتكم خرابًا “، كما في المزمور 69.
الوعظ :
موت يسوع يكشف خطيئة الإنسان، ويدعوه إلى التوبة. هذا ما أراد لوقا أن يقوله لكنيسته ويقوله لنا اليوم. إنه يدلنا على طريق الخلاص. الباب ضيق وعلى وشك أن يغلق. فلا نعتقد من بعد أن خلاصنا مرهون بعماذنا أو تناولنا القربان المقدس يوم الأحد أو زواجنا في الكنيسة ولا حتى إعترافنا بالمسيح (الشيطان أيضًا يعرف المسيح). المسيحي هو الذي يحول كل هذه المعطيات إلى فعل حياتي وهذا ما يبينه لوقا في المقطع الثاني من النص. لا يكفي العمل في اليوم الأول والثاني وإنما الإيمان والإعتماد كليًا على اليوم الثالث، الخلاص عطية مجانية، والعمل الإنساني هو جواب عن عطيـة الله هـذه. المسيحي الذي لا يعيـش الإنجيل فعليًا ويسمح للروح القدس أن يفعِّل الأسرار التي ننالها في حياتنا يبقى خارج الباب. ومتى ما جاء سيد البيت وأغلق الباب سوف ينتهي كل شيء.
صلاة :
أيها الرب يسوع يا من صلبت وجهك على تجاعيد وجهي الهرم.
وطفت بقدميك المقدستين وحدتي وحسرتي وضياعي.
يا من فتحت باب السماء على وسعه بموتك عني، وحملتني مثل أبيك على أجنحة النسور بروح القدس نحو سماء حبك.
أيها السائر في مدني وقُراي المحتلة، فوق أرصفة جائعة إلى أقدام مؤمنيها، وكنائس تشتاق جسدك القدوس.
أمنحني يا رب ان أجتهد في حبي لك فأعمل برك وألقي همي عليك. وأترك كل شيء بين يديك.
قيّد كبريائي، جردني من أنانيتي وغروري، فانساب في الآخرين مثل روحك القدوس.
كم أشتاق لملكوتك، فأنحني لحظة أبدية انحني بها على أخي المكسور فالقاك في جرحه. آمين.
الأب ميسر بهنام المخلصي
الأحد السابع من الرسل
” واجتاز في مدن وقرى يعلم ويسافر نحو أورشليم. فقال له واحد : يا سيد، أقليل هم الذين يخلصون ؟ فقال لهم. اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق، فإني أقول لكم : إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون. من بعد ما يكون رب البيت قد قام وأغلق الباب، وابتدأتم تقفون خارجًا وتقرعون الباب قائلين : يا رب، يا رب افتح لنا. يجيب، ويقول لكم : لا أعرفكم مـن أيـن أنتم. حينئـذ تبتدئـون تقولون : أكلنا قدامك وشربنا، وعلمت في شوارعنا. فيقول : أقول لكم : لا أعرفكم من أين أنتم، تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان، متى رأيتم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وجميع الأنبياء في ملكوت الله، وأنتم مطروحون خارجًا. ويأتون من المشارق ومن المغارب ومن الشمال والجنوب، ويتكئون في ملكوت الله. وهوذا آخرون يكونون أولين، وأولون يكونون آخرين. في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له : اخرج واذهب من ههنا، لأن هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم : امضوا وقولوا لهذا الثعلب : ها أنا أخرج شياطين، وأشفي اليوم وغدًا، وفي اليوم الثالث أكمل. بل ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم. يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا والحق أقول لكم : إنكم لا ترونني حتى يأتي وقت تقولون فيه : مبارك الآتي باسم الرب “.
(لو 22:13-35)
الخلاص هو فعل الله الذي ينعم به على الإنسان، وبه يبلغ الإنسان إلى معرفة الله، وهذا ما نسميه الملكوت، تلك الحالة التي يعيشها الإنسان فيتحقق العهد الأول عندما ربط الله نفسه بنا. لكن لهذا الملكوت متطلبات على الرغم من مجانيته. يعلن لنا الرب يسوع في تعليمه هذه المتطلبات لكي نستطيع من خلالها أن نكون طرفًا في ذلك العهد. لقد ظن معاصرو يسوع من اليهود أن هذه المتطلبات مرهونة بالنسب إلى إبراهيم، أو بكونهم شعب الله المختار، أو من خلال الممارسات الدينية. لكنهم نسوا أو تجاهلوا أن كل هذه ما هي إلا نقطة إنطلاق، ونقطة الوصول إلا الملكوت الذي هو مرهون كليًا بيد الله، وهناك مسافة ما بين نقطة الإنطلاق ونقطة الوصول هي طريق أورشليم المؤلم والطويل.
النص : يمكن تقسيم هذا النص إلى ثلاثة مقاطع :
المقطع الأول : من الباب الضيق إلى باب مقفل (لو 22:13-30)
تذكرنا الآية الأولى من هذا النص برحلة يسوع إلى أورشليم (51:9) التي أتمّ فيها عمل الخلاص الذي جاء من أجله، والتلاميذ يرافقونه في هذه الرحلة، وليس غريبًا أن يصدر مثل هكذا سؤال : ” يا رب هل الذين يخلصون قليلون ” ؟ سؤال ينم عن ما في داخل المتسائل من رغبة في ضمان ما. لكن جواب يسوع كالعادة غير متوقع. ليس مثل جواب معلمي إسرائيل من الفريسيين وغيرهم من الذين يقدمون أجوبة نظرية. كانت الدينونة تشغل بال الجميع في وقت يسوع، كانت قضية حياتية من جهة ومن جهة أخرى كان الملكوت السعادة الأبدية التي يعيش فيها الأبرار بعد موتهم، وكانت الصورة المقدمة لهذا الملكوت عبارة عن مكان فيه وليمة. جواب يسوع يُبين أن القضيـة ليست عـددًا أو كم المخلصين. مـا يهم هو أن تعلم كيف تصير أنت من المخلصين. يجب أن تنتبه أن الباب الضيق (24) يتطلب مجهودًا ولا يمكن التمهل في عبـوره، فالوضع الذي نكون فيـه يدعونا للتعجيـل في الدخول. صراع لدخول إسرائيـل إلى نعيـم الله، لا مجـال للإنتظار. ” لـن أتـركك يــا الله حتـى تُبـارِكَني ” (تك 27:32) كلمات قالها جدنا يعقوب لرجل الله الذي صارعه مع إصرار للحصول على البركة. هذا الجهد والصراع يتطلب الاستعداد مثل العذارى الحكيمات (متى 25) : سوف يغلق الباب، والذين ظلوا خارجًا لا يجدي معهم بعدُ كل قرع أو صياح، فات الوقت. لن يجدي نفعًا الإعتماد على أقدس الإمتيازات مثل أن يكون المرء تلميذًا ليسوع (26)، أو أن ينتمي إلى شعب الله المختار (28-29)، ولا حتى أن يكون من نسل إبراهيم، أو يستمع إلى كلام يسوع ويشترك معه في عشائه (يهوذا كان مع المعلم على العشاء). فالدخول من الباب الضيق مشروط فقط بالممارسة الفعلية للبر الذي يكرز به يسوع، وهي شرط الخلاص.
من غير أي تبعيات يحصل تبادل مواقع غير مشروط أيضًا : الأولون يصبحون آخرين بينما يصبح الآخِرون أولين. يكتب لوقا لجماعة أممية هي في نظر اليهود من الأخِرين. ليس أخِرين فحسب بل مرفوضون كليًا. لكن يسوع يضع حدًا لهذا التمييز، بل يقنن الأمور. لكن لننتبه ؛ لا يعني هذا أبدًا أن كل المسيحيين حلّوا محل اليهود بل الذين يمارسون البر وحدهم. وليس جميع اليهود مطرودين خارجًا بل الذين لا يمارسون البر.
المقطع الثاني : الخلاص يوم الله (لوقا 31:13-33)
ممارسة البر هذه تبرز أولوية الله في مصير يسوع. نجد في هذا المقطع محاولة بعض الفريسيين أن يظهروا بعض النوايا الحسنة تجاه يسوع (31) وهذا عكس ما تعودناه منهم. إنهم يطلبون من يسوع المغادرة خوفًا من بطش هيرودس. هنا فقط نفهم غرابة هذا الإيراد اللوقاوي. يريد لوقا أن يظهر كم هم مرتكزون على منطقهم البشري، لم يستطيعوا بعد التخلص من هذا المنطق أمام منطق الله. تبشير يسوع ومصيره في يد الله لا في يد البشر (هيرودس). إنه مرسل من عند الله على الصعيد البشري لنقل رسالة الله في اليومين الأولين أما الإتمام ففي اليوم الثالث (يوم الله)، إشارة إلى إتمام رسالته يوم قيامته المجيدة. هو كله من الله وليس للإنسان كلام فيه، التوبة والعمل البار من الإنسان، أما التحرير والخلاص فهو من الله وحده.
المقطع الثالث : التوبة والعمل بالبر (لوقا 34:13-35)
يوجه يسوع كلامه مباشرة إلى العاصمة المقدسة التي ستكون سبب موته. يخاطبها، يذكرها بأخطائها، هي ترفض كل محاولات الأنبياء من أجل حماية أبنائها من الدينونة. لهذا سيترك الله بيته (أورشليم) كما فعل في أيام حزقيال (11:23). لكن توجد دومًا مهلة للتوبـة والعـودة إلى الله، ستقولـون ” مبارك الآتي بإسم الرب ” (35:13). يربط هذا المقطع المقطعين السابقين معًا. إرادة الله الخلاصية في اليوم الثالث وضرورة التوبة الفورية للإنسان والعمل بالبر.
يتابع يسوع مسيرته نحو أورشليم ويذكّر في هذا المقطع المعنى الجديد لموته. إنه يواجه موته بحرية بعد أن ينهي رسالته. حزن يسوع ليس على موته بل على أورشليم التي أراد أن يجمع أبناءها، لكن القتل كان جوابها لذا ” سيترك لكم بيتكم خرابًا “، كما في المزمور 69.
الوعظ :
موت يسوع يكشف خطيئة الإنسان، ويدعوه إلى التوبة. هذا ما أراد لوقا أن يقوله لكنيسته ويقوله لنا اليوم. إنه يدلنا على طريق الخلاص. الباب ضيق وعلى وشك أن يغلق. فلا نعتقد من بعد أن خلاصنا مرهون بعماذنا أو تناولنا القربان المقدس يوم الأحد أو زواجنا في الكنيسة ولا حتى إعترافنا بالمسيح (الشيطان أيضًا يعرف المسيح). المسيحي هو الذي يحول كل هذه المعطيات إلى فعل حياتي وهذا ما يبينه لوقا في المقطع الثاني من النص. لا يكفي العمل في اليوم الأول والثاني وإنما الإيمان والإعتماد كليًا على اليوم الثالث، الخلاص عطية مجانية، والعمل الإنساني هو جواب عن عطيـة الله هـذه. المسيحي الذي لا يعيـش الإنجيل فعليًا ويسمح للروح القدس أن يفعِّل الأسرار التي ننالها في حياتنا يبقى خارج الباب. ومتى ما جاء سيد البيت وأغلق الباب سوف ينتهي كل شيء.
صلاة :
أيها الرب يسوع يا من صلبت وجهك على تجاعيد وجهي الهرم.
وطفت بقدميك المقدستين وحدتي وحسرتي وضياعي.
يا من فتحت باب السماء على وسعه بموتك عني، وحملتني مثل أبيك على أجنحة النسور بروح القدس نحو سماء حبك.
أيها السائر في مدني وقُراي المحتلة، فوق أرصفة جائعة إلى أقدام مؤمنيها، وكنائس تشتاق جسدك القدوس.
أمنحني يا رب ان أجتهد في حبي لك فأعمل برك وألقي همي عليك. وأترك كل شيء بين يديك.
قيّد كبريائي، جردني من أنانيتي وغروري، فانساب في الآخرين مثل روحك القدوس.
كم أشتاق لملكوتك، فأنحني لحظة أبدية انحني بها على أخي المكسور فالقاك في جرحه. آمين.