الافتتاحية

أُسبوع الأسابيع العدد (65)

أُسبوع الأسابيع

أسبوع الاسابيع
يُطلِق طقس كنيسة المشرق الكلدانية ـ الآثورية تسمية شبة شبّا ” أُسبوع الاسابيع “ على أَيام الاسبوع التي تلي أَحد قيامة الرب يسوع المسيح من بين الاموات، لتعبّر عن ايمانها : إِن هذا الاسبوع هو أَهم اسبوع من اسابيع السنة كلها، لانه يحتفل بركيزة الديانة المسيحية، ألا وهي إنتصار الرب يسوع على الموت. لذا لا تقتصر إحتفالات عيد القيامـة على نهـار الاحد وحـده، بل تمتد إلى كافة أيـام الاسبـوع التي تليـه. فيـُطلـق كتـاب خودرا (حـوذرا) : كتـاب ” الصـلاة الليتورجية على مدار السنة الطقسية “ على أَيام هذا الاسبوع التسميات الآتية : إثنين اسبوع الاسابيع، ثلاثاء اسبوع الاسابيع، أربعاء اسبوع الاسابيع، خميس اسبوع الاسابيع، جمعة المعترفين وسبت اسبوع الاسابيع(1).
فلا يقتصر العيد على نهار الاحد، بل يمتد إلى أيام الاسبوع التي تليه كافة ؛ إن كل يوم من أَيام هذا الاسبوع هو عيد، لذا من الأنسب الاّ نقول ” عيد القيامة “ بل ” أَعياد القيامة “ المجيدة.
تتجلّى لنا الأهمية التي يوليها طقسنا لهذا الاسبوع حينما نلقي نظرة تحليلية على عناصر القداس الكبير الذي نحتفل به كل يوم من أَيامه(2)، ومن خلال عناصر صلوات الساعات الفرضية ؛ اي صلاة المساء وصلاة الليل وصلاة السهرة وصلاة الصباح ؛ كما تبرز لنا أَهمية هذا الاسبوع حينما ندرس جذور الاحتفال به في كنيسة القيامة باورشليم وفي سائر الكنائس في القرن الميلادي الرابع.
إقامة القداس الاحتفالي خلال أَيام ” ”””أُسبوع الأسابيع “ “
تُظهر كنيستنا الاهمية التي تعطيها ” لأسبوع الأسابيع “ من خلال إقامتها القداس الاحتفالي الكبير في كل يوم من ايامه، هذا القداس الذي تحتفل به أَيام الاحاد والاعياد والمناسبات الكبرى ؛ علمًا أن كنيسة المشرق لا تقيم قداسًا خلال ايام الاسبوع البسيطة الاخرى طيلة السنة.
يتضمن هذا القداس الاحتفالي الكبير العناصر الآتية : 
المزامير الاسـتهلالية، مطلعـها المزمور 95 ” رنمـوا للرب ترنيمًا جديدًا “، عونيةا دقنكا ” ترتيلة باب قدس الاقداس “، رتبة كلام الله التي تتضمن عادة قراءتيـن من اسفـار العهـد الـقديـم وقـراءتيـن من اسفـار الـعهد الـجديـد وعونيةا داْذزا ” ترتيلة نقل التقادم إلى المذبح والتقدمة “، ورتبة قداس الرسولين مار ادي ومار ماري ورتبة التناول وعونيةا دبيم ” الترتيلة التي تنشد خلال التناول “.
تتحدث هذه الفقرات كافة عن قيامة يسوع من بين الاموات، وعن مفاعيلها في حياة البشر ؛ نختار منها الفقرات الاتية :
الاثنين : ترتيلة باب قدس الاقداس : ” تبـارك الذي منـح بقيامتـه القوة لجنس المائتين “. القراءة الثانية مستقاة من اعمال الرسل، وتحتوي على خطاب القديـس بطرس يوم العَنصرة، وقوله : ” إن يسوع الناصري… الذي صلبتمـوه وقتلتمـوه، لكن الله أَقـامه… ونحن شهود بذلك “ (اعمال 2/ 22-36).
الثلاثاء : ترتيلة باب قدس الاقداس : ” إن التجدد الذي أَجراه مخلصنا لجنس المائتين مجيد “ قراءة الانجيل : ظهور يسوع لتلميذي عماوس (لوقا 13/24-35).
الاربعاء : ترتيلة باب قدس الاقداس ” يا ربنا، لقد اصبحت قيامتك حياة لجنس البشر الذين كانوا قد هلكوا… “. القراءة الثانية مستقاة من رسالة القديس بولس إلى اهل قورنثية : ”… لاني سلمتُ إليكم اولاً ما تسلمته : أن المسيح مات من اجل خطايانا كما هو مكتوب، وانه قُبِرَ وقام في اليوم الثالث كما هو مكتوب، وانه ترآءَى لكيفا وبعده للأحد عشر، ثم ترآءَى من بعد ذلك لاكثر من خمس مئة أَخ معًا أَكثرهم أحياء إلى الآن وبعضهم قد رقدوا… “(1 قورنثيا 15/ 1-8).
” أُسبوع الأسابيع“  في الصلاة الفرضية 
تستعرض كافة التراتيل التي نؤديها خلال ساعات الصلاة، خاصة ساعات المساء والسهرة والصباح، الاحداث التي جرت بعد قيامة المسيح وتتحدث عن مفاعيل قيامته المجيدة في حياة البشر ؛ اخترنا منها الفقرات الآتية :
الاثنين دلليا : ” النسوة اللواتي جئنَ إلى قبرك، يا رب، امتلأنَ فرحًا عوض الحزن، فأسرعن إلى الرسل ليبشرنهم بالكلام الذي سمعنـه من الملاك القائل لهنَّ : ” لا تخفـن، لِمَ تبكين أَتطلبـن يسوع ؟ فانه قـد قام وغلـب الموت بموتـه “. ونحن، يا رب، نشكر ونصرخ قائلين ” المجد لك “.
الاربعاء دلليا” إذ كان قبرك مختومًا، قمتَ من بين الاموات، وفي حين كان بابه مغلقًا خرجت منه ممجدًا ؛ هكذا عبثًا سهر اليهود أَمام قبرك ليحرسوه… ونحن الذين علمنا بذلك نسجد لقيامتك، يا مخلصنا ؛ المجد لك… “.
” ها قد تجددت الخلائق كلها بالمسيح، لانه مصدر الحياة الجديدة، فلقد زال بواسطته سلطان الموت ؛ إذ أَقام الموتى الذين لبّوا نداءَه ؛ وهوذا الشيطان يتنهد بحسرة قائلاً : ” الويل لي، إذ أَصبحتُ أُضحوكة لآدم واولاده فلقد جردني يسوع من سلطاني وانتزع ملكي من يدي ووفّر الحياة لابناء جنسه جميعًا “.
السبت موةبا : ” من بعد دفنك المجيد، أَقام الشعب الشرير والظالم جنودًا ليحرسوا قبرك ؛ يا له من شعـب غير مؤمـن، فاذا كانـوا قد قتلوك ودفنوك، فلِمَ يحرسون اذن ؟
واذا كانوا قد فزعوا منك، فلماذا تجاسروا وصلبوك ؟ إلاّ إن قيامتك في اليوم الثالث، قد أَخزت صالبيك. وابهجت كنيستك، المجد لك “.
 ” أُسبوع الأسابيع “ باورشليم في القرن الرابع
ترتقي جذور احتفالات اسبوع الاسابيع في الكنيسة الكلدانية إلى الاحتفالات التي كانت تقام في مدن فلسطين وفي المدن الاوربية في القرن الميلادي الرابع.
نقلت لنا الراهبة ايجاريا، الاسبانية الاصل، في كتابها ” يوميات رحلة “ ما شاهدته بأم عينها من المراسيم الطقسية التي كانت تقام في كنيسة القيامة باورشليم مدة ثمانية أَيام بعد احد القيامة، وتشير إلى الاحتفالات ذاتها التي كانت تقام في مدن فلسطين الاخرى وفي بلدها الاصلي، ترتقي ما كتبته إلى سنة 380 م، في ما يأتي شهادة هذه الراهبة :
” اسبوع الفصح “ : يُحتفل باعياد الفصح هذه، على مدى ثمانية أَيام، كما هي العادة عندنا، وتقام الرتب الطقسية، كالمعتاد خلال أَيام الفصح الثمانية، طبقًا لما تقام، زمن الفصح، في كل مكان، حتى اليوم الثامن.
إن الابهة والترتيب، مدة ثُمانيّة الفصح، يطابقان بالتمام ما هُيّئ لعيد الظهور، أكانَ في الكنيسة الكبرى أم في كنيسة القيامة، في كنيسة الصليب أَم في الإيليونا، وكذلك في بيت لحم، وكنيسة لعازر وفي أيّ مكان، لأنها الأعياد الفصحية.
في اليوم الاول، اي الاحد، يجتمعون في الكنيسة الكبرى، أي المرتيريوم، وكذلك الاثنين والثلاثاء. غير انهم يذهبون دائمًا، بعد الانصراف، على أَنغام الترانيم، من المرتيريوم إلى كنيسة القيامة. ويوم الاربعاء، يجتمعون في الإيليونا ؛ والخميس في كنيسة القيامة ؛ والجمعة في جبل صهيون ؛ والسبت أَمام الصليب ؛ والاحد، ” اليوم الثامن “، من جديد في الكنيسة الكبرى، المرتيريوم…. “(3).


                                                         
   (3) – ايجاريا، يوميات رحلة، نقلها الى العربية الاب نعمة الله الحلو. بيروت 1994. ص 1119 – 120                                             

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى